قدمٌ ثانية:
أهكذا يكون النباح؟، للنباح إيقاعات ممتنـّة، له ابتسامته، له طنينه. فعلاً يستحق الاعتناء، رغم أنَّه يُنعش أفكاري حين يتعفن الهواء ويذكرني بهيئتي الكلبية إلا أنَّني أحبه، فمنذ طفولتي وأنا أتقمصه، أهز ذيلي فرحاً بما يقدمه لي سيدي من بقايا عظام وليمته.
لن تخيفني ليال حالكة، والأسياد تخيفهم رؤية الأشباح، لهذا قرَّروا تربية الموبوءة بالنباح.
لستُ قدماً مبتورة، بل أحترم البتر وأحب البرص لكون ذيله ينمو وإن بـُتِر، كما أحبه وهو لا يأبه لاشمئزاز الرائي إليه.
بماذا تطمح هذه القدم؟
أزعجتُها بنباحي وأزعجتني أفكارها.
لا يخجلني ما أخفيه عنكِ كي أنظر إليك إشفاقاً، فأنا في الدرجة الثلاثين وأنت مجرد قدم يراودها حلمها الملتهب لرؤية قمر السطح، ستبقى هذه الرغبة تنهش أحشاءك.
لا، لن أسمح أيتها العفنة أن تعكري صفو بهجتي، إن رغبتِ مرافقتي كوني صامتة، لا تنسي، ها.. كوني صامتة، أقدس ما عندكِ الجري، واللهاث.
تفهـّمي حكمة المرض.
|